أ.د. محمد غورماز - مستقبل الفكر الإسلامي في ظل التحديات العالمية-سبيل التجديد والعمل

ألقى أ.د. محمد غورماز عبر الإنترنت محاضرة “مستقبل الفكر الإسلامي في ظل التحديات العالمية-سبيل التجديد والعمل" بدعوة من معهد استاك والجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا، حيث ركز الأستاذ غورماز في محاضرته على عدد من النقاط منها:

أولا الإشارة إلى أننا كأمة لا نحب التفكير في المستقبل، ونعتبر المستقبل من قبيل الغيب " ولا يعلم الغيب إلا الله" مع أن التفكر في المستقبل والإعداد له ليس رجماً بالغيب بل هو فهم لسنن الله، وهو أحد أعظم المسؤوليات التي تقع على عاتق النخب الفكرية والسياسية والاجتماعية.  حيث إن أكبر تهديد يواجه أي حضارة هي فقدانها الرؤية المتكاملة حول مستقبلها.

وأشار أيضا إلى ظهور عقليتين متمايزتين عند المسلمين في القرن الأخير، ونتج عن كل واحدة منها نوع متميز من الأدبيات، العقلية الأولى هي العقلية المتهمة التي تقبع في قفص تحاول فيه رد التهم الموجهة إليها باستمرار. والعقلية الثانية هي العقلية الشاهدة وهي تلك العقلية التي ترى نفسها صاحبة رسالة تشهد بها على البشرية جميعاً. وكلا العقليتين متضمنتان لأدبيات معظمها أبعد ما تكون عن حقيقة التجديد وكنهه، بل هي مجرد اجترار للماضي بأشكال مختلفة.

وقد شبه الحضارة الإسلامية بنهرٍ إلهي نبع من جبل غار حراء، ومن ثم قام النبي ﷺ المبعوث رحمة للعالمين وصحابته الشهداء على رسالته بتحديد مسار هذا النهر الى أن وصل الى معظم بقاع الأرض، هذا النهر الذي منح الحياة إلى كل أرض بلغها وكل إنسان صادفه واجه خطرين كبيرين خلال مجراه التاريخي؛ الخطر الأول، انفصال الروافد عن النهر الرئيسي إلى روافد وجداول مستقلة، كظهور بعض التكتلات المذهبية والاختلافات السياسية والاعتقادية والفقهية في القرون الإسلامية الأولى. والخطر الثاني، تسرب المياه الملوثة إلى النهر وتعكير صفوه، مثل ظهور الأحاديث الملفقة والتأويلات الغريبة وانتحال المبطلين...الخ.

وأشار إلى أننا في حاجة ماسة إلى التجديد لكن العائق الذي يحول بيننا وبينه هو المنهج، لذا يجب علينا أن نقوم بتجديد هذا التجديد وتجويده، حيث إننا أستهلكنا المصطلح ومفرادته. ولتوضيح ذلك استخدم د.محمد مثال مصنع المملابس الذي تنتج آلاته ثيابا مثقوبة،قام صاحب  المصنع بتوظيف عمال لرقع الثقوب بدلاً من إصلاح الآلة .

وقد قدم الأستاذ غورماز في نهاية كلمته حلا للمشكلة المذكورة من خلال مفهوم المنهج، فذكر أن الخطوة الأولى في التجديد لأجل المستقبل تتمثل في الخروج من كرسي الاتهام والعودة إلى حالة الشاهدية التي تمنحنا الثقة بالقدرة على التجديد. ثم تكون الخطوة التالية بتغيير موقفنا من المستقبل نفسه، ثم بتطوير منهج يعيد النهر إلى مجراه صافياً، ويرسم خطا لصناعة الأفكار وآلية إنتاج المعرفة والعلوم. وأشار إلى أن منهج إسلام المستقبل ينبغي أن يتصف بالتالي:

  1. القدرة على إعادة النظر في هرمية النصوص والأحكام.
  2. القدرة على إنتاج القيمة والخلق والعمل.
  3. القدرة على التمييز ثم الجمع بين مقاصد التكوين، ومقاصد العمران، ومقاصد التنزيل ومقاصد النصوص الشرعية.
  4. التركيز على وحدة العلوم وتكاملها، والتخلي عن سردية العلوم الشرعية وغير الشرعية.
  5. التركيز على الكلي والعام والمطلق الديني، بدلاً من الجزئي والخاص والمقيد الثقافي.
  6. امتلاك آلية إنتاج العلوم الجديدة وتكوين العلماء الجدد.
  7. الجمع بين علوم الحضارة الإسلامية من التفسير والحديث إلى الفلسفة والكلام.

ويتم هذا كله تحت مظلة ثلاثية ذهبية تتضمن الإصلاح ثم الإحياء ثم التجديد، وهذه الثلاثية محكومة بثلاث قواعد، وهي:

  1. لا إصلاح بلا صلاح
  2. لا إحياء بلا حياء وحياة
  3. لا تجديد بلا جِدَّة وجَدّة

فإذا فعلنا هذا كنا قد وضعنا لأنفسنا شريعة نمشي عليها، وللأجيال القادمة منارة يهتدون بها، وساهمنا إسهاماً فعالاً في منح الفرصة لهذه الأمة لتجلس في مكانها الصحيح بين الأمم، خير أمة أخرجت للناس.