ألقى أ. د/ جميل آيدن محاضرته الإفتتاحية تحت عنوان "تاريخ الفكر العالمي والفكر الإسلامي" ضمن أكاديمية المعهد التفكر الإسلامي 2022-2023

بدأ الدكتور آيدن حديثه بروايات مهمة عن تاريخ المسلمين وبالإشارة الى أن تاريخ الإسلام يروى بطريقة هامشية مع إظهار أوروبا على أنها مصدر جميع القيم العالمية. وتطرق أيضا إلى بعض البحوث والدراسات التي كتبت لتصحيح هذا المف التاريخي الخاطئ القائل بأن المسلمين لم يسهموا في تنمية الفكر العالمي، و أشار إلى أن جذور المفاهيم العالمية مثل حقوق الإنسان والمساواة والاستقلال والتسامح خلافًا للاعتقاد السائد ليست ذات مصدرأوروبي. وأشار أيضا إلى كون المسلمين كما المجتمعات الأخرى، ذووا إسهام كبير في القيم العالمية الموجودة اليوم. كما نوه الى كيفية إثراء التاريخ العالمي بالفكرالإسلامي، خاصة في القرن التاسع عشر.

وصرح آيدن بوجود عدد من الباحثين الذين يفهمون الفكر الإسلامي باعتباره صندوقا مغلقا، ويسأل آيدن "أليس الفكر الإسلامي بالفعل جزءًا من تاريخ الفكر العالمي، إن كان هذا الحال فلماذا نفصله؟"  مذكرا بأن الفكر الإسلامي يمكن تقسيمه الى أربعة فترات هي الفترة الكلاسيكية، وفترة التجديد، وفترة التدقيق، وفترة البحث، وذكر أن هذه التقسيمات أدت إلى فصل كبير بين الفكر الإسلامي وبقية الفكر العالمي، وجعل الفكر الإسلامي تقليدًا يستجيب للتيارات الفكرية وحسب.

في هذا السياق أيضا، أشار إلى بعض النظريات التي ظهرت ضد التنوير والاستشراق في أوروبا، مثل؛ أطروحة عالمية الإسلام، الوحدة الإسلامية، حركة الخلافة، حركات الوحدة الآسيوية والأفريقية التي أرادت تشكيل النظام العالمي، مشيرا الى أنها نظريات سياسية غير أوروبية المركز. وقال أيضا، إن المأتي عام الماضية كانت معضلة من حيث التاريخ العالمي، أما في السياق الإسلامي فلم تكن مشاكل القرنين السابقين إلا إضافة لمجموع المشاكل المتشابكة التي واجهتها الأمة الإسلامية. وردا على وقوع بعض المسلمين في السرديات المستصغرة للذات ناقش آيدن أنه لطالما كانت هناك دول أخرى حكمت المسلمين عبر التاريخ، ولطالما كانت العنصرية في التاريخ مرتبطة بلون البشرة، ولكن في القرن التاسع عشر، بدلاً من هذه العنصرية المرتبطة بلون البشرة، تم طرح أطروحة جديدة مصطنعة بعنوان العنصرية الدينية، على يد الإمبراطوريات التي حكمت الغالبية العظمى من المسلمين. وارتبطت بفكرة الوحدة الإسلامية. بالرغم من أن هناك مفهوما للوحدة والأمة في الفكر الإسلامي قبل القرن التاسع عشر، لكن هذا لا يدل على أنه يمكن القول إن فكرة (الوحدة الإسلامية) أو فكرة (العالم الإسلامي) ظهرت تاريخيًا سابقة على (فكرة الأمة)، التي ظهرت انطلاقا من فكرة اختلاف ثقافة المسلمين بسبب مناطقهم الجغرافية المختلفة.

ويذكر جميل آيدن أن فكرة الإتحاد ظهرت نتيجة للمشاكل التي تعرض لها المسلمون في القرن التاسع عشر، ولكنه أشار الى أنه مع ظهور التنظيمات الإصلاحية، بدأ المسلمون بفكرة أن الحضارة تتحد حول فكرة العالمية والأمة الإسلامية. ويقول أيضا، "إن فكرة العالم الإسلامي، وتصور الحضارة الإسلامية، وضرورة التحدث باسم الإسلام كدين عالمي هي نتاج هذه الفترة." وقد أشار الى أن المسلمين كانت لهم مساهمات كثيرة في التاريخ إلا أن هذه المساهمات قد تم نسيانها، مدللا بإحدى تلك المساهمات حول رؤيتهم لتشكيل النظام العالمي الجديد من خلال ما فعلته الكتلة العربية الآسيوية التي عجلت بعملية استقلال العديد من الدول.

ومركزا على مكانة الفكر الإسلامي في تاريخ الفكر العالمي، قال آيدن، إن الإسلاموية لا تعني العودة إلى جذور الإسلام بما يعني "معاداة العلمانية،" بل هي إيجاد حل عالمي للمشكلات العالمية التي حصلت بسبب حقبة الحرب الباردة، كالدولة القومية الحديثة والقضية الفلسطينية، بناء على الإسلام والتقاليد وفكرة الحداثة. ولخص آيدن أطروحة الإسلاموية بالجملة التالية: ادعت الحضارة الأوروبية أن لديها رؤية لإنقاذ البشرية لكنها كانت مخطئة، فحيث أنها أرادت أن تنقذنا بالعلم والحضارة، فقد مزقتنا بالعنصرية. ولكننا نحن "اي المسلمون" يمكننا تحقيق السلام للبشرية من خلال تقديم جديد للإسلام.

وفي النهاية، أشار آيدن إلى أنه ما لم يتم فحص معرفة التاريخ العالمي بشكل دقيق، فإن هذه التقديمات الجديدة للإسلام لن يمكن فهمها. وقال إن الحل لهذه القضية هو تعزيز الحوار الثنائي بين الفكر الإسلامي والفكر العالمي.